الاثنين، 30 أغسطس 2010

اليوم تقرير الدخل الأمريكي، فهل ستكون بداية جيدة للاقتصاد الأمريكي ؟


نقف على أعتاب افتتاح أولى جلسات الأسبوع عزيزي القارئ، مشيرين إلى أن اليوم يحمل في طياته الكثير من البيانات المهمة والتي تسيطر على أذهان المستثمرين مركّزة على مستويات التضخم ما إذا سترتفع قليلا أو ستبقى كما وصفها البنك الفدرالي مسبقا بأنها تحت السيطرة، ناهيك عن بيانات مستويات الدخل والإنفاق الشخصي اللذان شهدا ثباتا عند القراءة الصفرية خلال شهر حزيران.
نستهل البيانات الصادرة عزيزي القاري بمستويات الدخل والإنفاق الشخصي الأمريكيان واللذان سيصدرا في وقت لاحق اليوم وذلك عن شهر تموز، حيث من المتوقع أن يرتفع الدخل الشخصي خلال تموز بنسبة 0.3% مقارنة بالقراءة السابقة الصفرية، أما الإنفاق الشخصي فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعا خلال الشهر نفسه بنسبة 0.3% أيضا مقارنة بالقراءة الصفرية السابقة.
واضعين بعين الاعتبار أن الاقتصاد الأمريكي فقد بعضا من عزمه بالنسبة لعجلة تعافيه من الأزمة الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي أثر على النشاطات الاقتصادية في مختلف القطاعات، وبالتالي انعكس على مستويات الإنفاق والدخل لدى المستهلكين، وذلك مع  العلم أن مستويات الإنفاق لا تزال أصلا ضعيفة، وذلك مع الضعف الجاري على النشاطات الاقتصادية ككل، وهذا ما لاحظناه في مختلف القطاعات الرئيسية خلال الأشهر الماضية.
كما أن تقرير الناتج المحلي الإجمالي الذي صدر خلال الأسبوع المنصرم أشار إلى استمرارية في تباطؤ النمو في الاقتصاد الأمريكي، وذلك على الرغم من تفوق القراءة الفعلية على التوقعات، ليسجل الاقتصاد نموا بنسبة 1.6% في القراءة الثانية عن الربع الثاني مقابل 2.4% في القراءة التمهيدية للربع نفسه، مسلطين الضوء على أن الاقتصاد الأمريكي قد يواصل مرحلة تباطؤه خلال الفترة المقبلة من هذا العام، وذلك على إثر معدلات البطالة التي لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن، ناهيك عن أوضاع التشديد الائتماني، واللذان يقفا شوكة في حلق الاقتصاد الأمريكي، هذا بالإضافة إلى مسألة انتهاء البرامج والخطط التحفيزية التي كانت متنفسا لمستويات الإنفاق خلال فترة إطلاقهم.
ومنتقلين إلى البيانات التي لا تقل أهمية عن مستويات الدخل والإنفاق، والتي تتمثل في عنوان "مستويات التضخم" وهنا يتحول تركيز المستثمرين نحو مستويات التضخم والتي ستظهر بالشكل الأدق في مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري، حيث يعد ذلك المؤشر المفضل لدى البنك الفدرالي لقياس مستويات التضخم، حيث من المتوقع أن يرتفع المؤشر على الصعيد الشهري بنسبة 0.1% مقارنة بالقراءة الصفرية السابقة، أما على الصعيد السنوي فمن المتوقع أن يرتفع المؤشر بنسبة 1.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.4%، بينما من المتوقع أن تثبت نفقات الاستهلاك الشخصي المثبط خلال الشهر نفسه عند القراءة السابقة التي بلغت 1.4%.
وكما أشرنا في تقاريرنا السابقة، أن الخطط والبرامج التحفيزية التي تم إطلاقها من قبل البنك الفدرالي والحكومة الأمريكية جنبا إلى جنب، كانت تمثل سلاحا ذو حدين، حيث بالرغم من هدف الجهتين في تعزيز مستويات الإنفاق إلا أنها أثارت مخاوف تشكل تهديدات تضخمية بالمقابل وذلك على إثر فتح محابس السيولة بشكل كبير، الأمر الذي تسبب في ارتفاع العرض النقدي في الأسواق، إلا أن ضعف الاقتصاد الأمريكي ووسط العوائق التي لا تزال تقف أمام تقدم الاقتصاد بالشكل المنشود أسهمت في بقاء مستويات التضخم تحت السيطرة.
وهنا نشير أيضا إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يقاوم العوائق التي تقف أمامه محاولا التخلص منها أو تقليص حدة تأثيرها على الأقل، والتي تتمثل في معدلات البطالة المرتفعة، ناهيك عن أوضاع التشديد الائتماني التي تحد من قابلية المستهلكين للحصول على قروض جديدة، وهنا يأتي تأثيرها على الدخل الشخصي الذي ينعكس سلبا بالتالي على الإنفاق الشخصي، مهددا النمو الاقتصادي، مذكّرين أن إنفاق المستهلك يشكل ما يقارب ثلثي النمو في الولايات المتحدة الأمريكية.
في حين أشار السيد برنانكي - رئيس البنك الفدرالي الأمريكي – يوم الجمعة المنقضي من خلال كلمته التي ألقاها في ندوة للبنك الفدرالي في جاكسون هول، أن الفدرالي الأمريكي على أتم استعداد لتوفير المزيد من الدعم إذا كانت الظروف تبرر أية تدخلات ضرورية وحتمية، في حين أشار برنانكي أيضا بأن الفدرالي الأمريكي لديه الأدوات اللازمة لتعزيز النمو الاقتصادي والحد من مخاطر التضخم، حيث يرى برنانكي بأن مخاطر التضخم أصبحت ذو تأثير طفيف جدا.
والجدير بالذكر عزيزي القارئ أن البنك الفدرالي تطرّق في قرار الفائدة الذي أعلن عنه منذ أسبوعين إلى مسألة سياسة الاقراض لدى البنوك الأمريكية، حيث أشار الفدرالي الأمريكي أنه سيعتزم إعادة إحياء بعض برامجه التحفيزية السابقة، مشيرا إلى أنه سيغلق مراكز سندات الخزينة وإعادة فتحها مجددا، وبالإضافة إلى أنه سيعيد استثمار الأموال المحصلة من برنامج شراء الديون وشراء السندات المدعومة بالرهونات العقارية في السندات طويلة الأمد.
ومع هذا كله يبقى الاقتصاد الأمريكي بعيدا نوعا ما عن التعافي التام، حيث سيلزمه بالتأكيد المزيد من الوقت لتحقيق الاستقرار بداية ومن ثم الوصول إلى بر الأمان، وذلك لن يحدث قبل النصف الثاني من العام 2011، حيث يرى الكثير من المحليين أن فترة الركود التي مرت على الاقتصاد الأمريكي كانت أسوأ مما اعتقد الجميع.
وبالحديث بإيجاز عن الاقتصاد الكندي – الاقتصاد الأكثر التصاقا بالاقتصاد الأمريكي – والذي شهد أيضا تباطؤا في أنشطته الاقتصادية خلال الأشهر القليلة الماضية، وذلك في خضم الارتباط الاقتصاد الذي يجمع البلدين، إذ أن التأثيرات التي تقع على عاتق الاقتصاد الأمريكي تعتبر أيضا تأثيرات على نظيره الكندي.
حيث سيصدر اليوم عن الاقتصاد الكندي تقرير الحساب الجاري عن الربع الثاني والذي من المتوقع أن يشير إلى فائض يصل إلى 10.7 مليار دولار كندي مقارنة بالعجز السابق الذي بلغ 7.8 مليار دولار كندي، في حين سيصدر أيضا أسعار المنتجيات الصناعية وأسعار المواد الخام واللذان من المتوقع أن يرتفعا خلال شهر تموز بنسبة 0.4% و 0.2% على التوالي مقارنة بالقراءة السابقة لكلا المؤشرين التي بلغت -0.9% و -0.3% على التوالي...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق