الأحد، 29 أغسطس 2010

الاقتصاد الأمريكي سيشهد أسبوعاً من العيار الثقيل مليئاً بالبيانات الاقتصادية، فالبداية مع تقرير الدخل، والنهاية مع تقرير الوظائف

أسبوع جديد بانتظارنا عزيزي القارئ، حيث سيعود الاقتصاد الأمريكي في الأسبوع المقبل لإصدار بيانات وأخبار اقتصادية من العيار الثقيل، الأمر الذي سيساعدنا على الخروج بنظرة مستقبلية جيدة لما آلت إليه الأوضاع في الاقتصاد الأمريكي، وذلك من خلال إصدار الاقتصاد الأمريكي لبيانات قطاعي الصناعة والمنازل، ناهيك عن إصداره لتقرير الدخل وتقرير الوظائف، لذلك فإن الاقتصاد الأمريكي سيكون محركاً رئيساً للأسواق خلال الأسبوع القادم.
بداية أسبوعنا ستكون مع تقرير الدخل، حيث من المتوقع أن يشير التقرير إلى أن الدخل الشخصي ارتفع خلال شهر تموز ليصل إلى 0.3 بالمئة، كما وتشير التوقعات إلى أن إنفاق المستهلكين سيرتفع هو الآخر بنسبة 0.3% خلال الفترة ذاتها، الأمر الذي يؤكد على أن مستويات الدخل والإنفاق لا تزال ضعيفة في الولايات المتحدة الأمريكية، وسط تحسن تلك المستويات بوتيرة بطيئة جداً، مما لا يساعد الاقتصاد الأمريكي بالشكل المطلوب.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن الإنفاق يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، وبالتالي فإن تراجع معدلات الإنفاق ضمن الاقتصاد الأمريكي تقود تباطؤ معدلات النمو في البلاد، لتؤكد تلك البيانات على أن عجلة التعافي والانتعاش لا تزال تبحث عن استقرارها المفقود، الأمر الذي شهدناه من خلال البيانات والأخبار الاقتصادية التي صدرت مؤخراً عن الاقتصاد الأمريكي، والتي أشارت إلى أن الاقتصاد الأمريكي شهد ولا يزال يشهد تراجعاً في أنشطته الاقتصادية، وذلك في شتى قطاعات الاقتصاد، بما فيها قطاع الصناعة الأمريكي، قطاع الخدمات، إلى جانب قطاع المنازل.
ومن المتوقع أن يؤكد تقرير الدخل أيضاً على أن معدلات التضخم لا تزال قابعة تحت سيطرة الفدرالي الأمريكي، وسط استقرارها نوعاً ما خلال تموز، وذلك بحسب المؤشر المفضل لدى البنك الفدرالي الأمريكي لقياس التضخم -مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي-، حيث تشير التوقعات إلى أن المؤشر الجوهري ارتفع على صعيده الشهري وبشكل طفيف ليصل إلى 0.1% خلال شهر تموز، في حين تؤكد تلك التوقعات على أن المؤشر وعلى صعيده السنوي فسيستقر عند 1.4 بالمئة خلال تموز.
ومن الجدير بالذكر بأن البنك الفدرالي الأمريكي يتوقع بقاء معدلات التضخم تحت السيطرة خلال العامين المقبلين، نظراً لكون ضعف الأوضاع الاقتصادية خلال الوقت الراهن سيعمل على إثقال كاهل الأسعار في الولايات المتحدة أكثر وأكثر، وبالتالي فإن التضخم سيقبع على الأرجح تحت المستويات التي يبدأ البنك الفدرالي الأمريكي عندها بالقلق والبالغة 2 بالمئة.
كما وسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي خلال الأسبوع المقبل أيضاً مؤشر S&P/CS المركب 20 لأسعار المنازل، كيث من المتوقع أن يظهر المؤشر بأن أسعار المنازل انخفضت خلال شهر حزيران لتستقر عند 3.60 بالمئة وذلك في عشرين مقاطعة فيدرالية، وذلك بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 4.61 بالمئة، والمسجلة خلال أيار الماضي، في حين تشير التوقعات إلى أن مبيعات المنازل قيد الانتظار ارتفعت خلال شهر تموز بنسبة 1.0% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت انخفاضاً بنسبة 2.6 بالمئة.
ومن المتوقع أن نشهد انخفاض قراءة مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات والخاصة بشهر آب لتصل إلى 57.5 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 62.3، مع العلم بأن مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات يعد مقياساً لصحة الاقتصاد، حيث تحسب قيمة المؤشر بالنظر إلى خمسة عناصر رئيسية، هي: الطلبيات الجديدة، المخزونات، مستويات الإنتاج، نقليات المزودين، بالإضافة إلى مستويات التوظيف، ومع هذا التراجع المتوقع فإن المؤشر سيؤكد على صحة الأرقام التي جاءت بها المؤشرات الأخرى، والتي أكدت بمجملها على تراجع وتيرة الأنشطة الاقتصادية في كافة قطاعات الاقتصاد الأمريكي تقريباً.
وبخلاف ذلك فإن التوقعات تؤكد على أن مستويات الثقة ارتفعت خلال الشهر ذاته، وذلك بحسب مؤشر ثقة المستهلكين الأمريكي، حيث تشير التوقعات إلى أن المؤشر ارتفع خلال شهر آب ليصل إلى 51.6 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 50.4، مما يؤكد على أن التأرجح في الآراء هو سيد الموقف بالنسبة للمستهلك الأمريكي، بسبب غموض مستقبل الاقتصاد الأمريكي.
وفي تمام الساعة 18:00 بتوقيت غرينيتش من يوم الثلاثاء الموافق 31 من آب فسنشهد صدور محضر اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة، حيث كان البنك الفدرالي الأمريكي قد أبقى على أسعار الفائدة الرئيسية في الولايات المتحدة دون تغيير عند مستوياتها المتدنية الحالية ما بين 0.00% و 0.25%، إلا أن ما هو أهم كان مع إعلان البنك عن تيسير سياساته النقدية وذلك من خلال  إعادة إحياء برنامج التخفيف الكمي، حيث أشار البنك إلى أنه سيغلق مراكز سندات الخزينة وسيعيد فتحها مجدداً، وبالإضافة إلى ذلك فإنه سيعيد استثمار الأموال المحصلة من برنامج شراء الديون وشراء السندات المدعومة بالرهونات العقارية في السندات طويلة الأجل.
ومع بيانات مؤشر معهد التزويد الصناعي والخاصة بشهر آب، حيث تشير التوقعات إلى أن المؤشر سيظهر المزيد من التراجع في أداء القطاع وأنشطته، الأمر الذي يؤكد على أن قطاع الصناعة الأمريكي ما زال يفقد المزيد من عزمه وسط ضعف مستويات ومعدلات الطلب، سواءاً على الصعيد المحلي، أو حتى على الصعيد العالمي.
أما قراءة مؤشر الانتاجية للقطاعات الغير زراعية والخاصة بالربع الثاني من العام الجاري 2010 فمن المتوقع أن تنخفض بنسبة 2.1 بالمئة، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت انخفاضاً بنسبة 0.9 بالمئة، في حين من المتوقع أن نشهد ارتفاع مؤشر تكلفة وحدة العمالة بنسبة 1.5% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت ارتفاعاً بنسبة 0.2 بالمئة.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن الأنشطة الاقتصادية أظهرت تراجعاً ملحوظاً خلال الربع الثاني من العام الجاري 2010 وفي كافة قطاعات الاقتصاد الأمريكي بلا استثناء، إلا أن الاقتصاد الأمريكي نجح في التوسع بنسبة 1.6 بالمئة خلال الربع الثاني من العام الجاري، بالمقارنة مع نمو الاقتصاد بنسبة 3.7 بالمئة خلال الربع الأول من العام الجاري 2010، حيث جاء الناتج المحلي الإجمالي بأرقام متواضعة خلال الربع الثاني على خلفية ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، ناهيك عن تشديد شروط الائتمان، الأمر الذي يثقل كاهل جميع أنشطة الاقتصاد الأمريكي بلا استثناء، مع العلم بأن تلك الأرقام تؤكد على أن الركود الذي شهده الاقتصاد الأمريكي كان بأسوأ مما اعتقد الجميع.
وعلى الرغم من كل ما تقدم، فإن أنظار المستثمرين ستبقى مركزة على آخر أيام الأسبوع المقبل، مع بيانات قطاع العمالة الأمريكي وبالتحديد مع تقرير الوظائف الأمريكي، إلا أننا سنشهد صدور مؤشر ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص قبيل ذلك، حيث تشير التوقعات إلى أن المؤشر سيشير إلى أن القطاع وفر حوالي عشرة آلاف وظيفة جديدة فقط خلال شهر آب.
يوم الجمعة، أهم أيام الأسبوع المقبل، سيكون مسرحاً لإعلان الاقتصاد الأمريكي عن ما آلت إليه الأمور في قطاع العمالة الأمريكي، حيث تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد الأمريكي قد فقد 110 ألف وظيفة خلال آب، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 131 ألف وظيفة مفقودة خلال تموز، إلا أن معدلات البطالة تبقى التحدي الأبرز أمام مستقبل التعافي والانتعاش في الاقتصاد الأمريكي، مع الإشارة إلى أن التوقعات تؤكد على أن معدلات البطالة ارتفعت خلال شهر آب لتصل إلى 9.6% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 9.5 بالمئة.
ولا يزال البنك الفدرالي الأمريكي يتوقع بأن معدلات البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية ستتراوح بين 9.2 و 9.5 بالمائة بحلول نهاية العام الجاري 2010، مع العلم بأن تلك المعدلات تعد مرتفعة، مع الإشارة إلى أن معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب تشديد شروط الائتمان تواصل إثقال كاهل الأنشطة الاقتصادية على وجه العموم في الاقتصاد الأمريكي، وما لم نرى انخفاض معدلات البطالة في الولايات المتحدة الأمريكي بوتيرة ملحوظة، فإن الاقتصاد الأمريكي لن يكون قادراً على النمو على المدى الطويل بشكل أو بآخر.
وسيلي ذلك، صدور مؤشر معهد التزويد الغير صناعي (للخدمات) هذه المرة، وفي قراءته الخاصة بشهر آب أيضاً، حيث تشير التوقعات إلى أن المؤشر سيظهر المزيد من الانخفاض، الأمر الذي يؤكد على تواصل تراجع أنشطة القطاع خلال آب، وسط تراجع أنشطة الاقتصاد الأمريكي بمجمله وبشكل عام، مع العلم بأن قطاع الخدمات يشكل 70% تقريباً من الاقتصاد الأمريكي.
وبالتالي فلا بد لنا من توقع أسبوعاً مليئ بالتقلبات مرة أخرى، وفي جميع الأسواق المالية بما فيها أسواق العملات، أسواق الأسهم، إلى جانب أسواق السلع الأساسية، مع الإشارة إلى أن تأرجح الدولار الأمريكي كان عنواناً في الأسبوع الماضي، وكما أسلفنا فإننا نتوقع أسبوعاً متأرجحاً للدولار الأمريكي، وبحسب البيانات الأمريكية التي ستصدر في الأسبوع المقبل، في حين من المتوقع أن تلحق السلع الأساسية بما فيها الذهب والنفط بنفس الطريق...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق